Monday, January 18, 2010

التحوت و الوعول

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والذي نفس محمد بيده لاتقوم الساعة حتى ........ وذكر منها ويهلك الوعول ويظهر التحوت فقالوا يارسول الله وما الوعول وما التحوت ؟ قال : الوعول وجوه الناس وأشرافهم والتحوت الذين كانوا تحت أقدام الناس لايعلم بهم" رواه الحاكم في المستدرك والطبراني في الأوسط وصححه الألباني

فالتحوت هم فسول الرجال جمع فسل و "الفسل هو الرذل النذل الذى لا مروءة له و لا جلد" كما جاء فى لسان العرب لابن منظور و جاء فيه أيضا "حتى تظهر التحوت و تهلك الوعول ، يعنى الذين كانوا تحت أقدام الناس ، لا يشعر بهم و لا يؤبه لهم لحقارتهم ، و هم السفلة و الأنذال" و فى مقاييس اللغة "والتحوت الدون من الناس".

أما الوعول فهم أشراف الناس و فى لسان العرب أيضا أن "الأوعال و الوعول هم الأشراف و الرؤوس يشبهون بالأوعال التى لا ترى إلا فى رؤوس الجبال .... و يقال لأشراف الناس الوعول و لأراذلهم التحوت"

و فى هذا الحديث الشريف يبين رسول الله صلى الله عليه أنه من علامات الساعة الصغرى أن يعلو شأن التحوت و ذكرهم و أن يمكن لهم فيتصدرون المشاهد و المجالس و تسند إليهم المناصب و تسلط عليهم الأضواء و تصورهم الكاميرات و تنشر لهم وسائل الإعلام الأخبار و التصريحات وتتبع أخبارهم و تنشر صورهم ، يأمرون فيطاعون و يطلبون فيلبون ، يصرح أحدهم بأن الليل أظلم من النهار و أن الماء أبرد من النار فتدبج المقالات فى سعة علمه و حكمته و رجاحة عقله و نفاذ بصيرته و و يرى أحدهم أن صفير الرياح يزعج المرء فلا يستطيع أن يرتاح و يمنع الطلاب من المذاكرة و النجاح و يعيق التقدم و التطور و الفلاح و من ثم يتقرر أن محاربة صفير الرياح هى أولى الأولويات فتجند لذلك لها الطاقات و توجه لذلك الميزانيات ، و يقرر أحدهم أن زيدا هو من الملائكة المقربين فتنهال على زيد البركات و تفتح له أبواب الخيرات ، ثم يعود فيقرر أن زيدا ليس من الملائكة المقربين بل هو من مردة الشياطين فتنفتح على زيد أبواب الجحيم و و تسلب منه مفاتيح النعيم ، و يصرح أحدهم بأن العدو أوفى من الصديق و أن الغريب أولى من القريب فتنصب حمم البراكين على الصديق القريب و تظهر فيه فجأة كل المساوئ و الشرور و يتبين أن العدو الغريب هو مبعث السعادة و السرور ، و يبشر أحدهم بأن كل ما كان قبله عبث و هراء و أن التاريخ سيولد من جديد من بداية عهده السعيد فيهال التراب على كل ما فات و تنطلق البشارات بكل ما هو آت.

أما الوعول فهم أهل العلم و الفضل ، هم النجباء العقلاء الناصحون ، هم أهل الشرف الذين عَلو القمة فى العلم و الخلق و الهمة ، حرى بأحدهم أن يقود أمة ، لا يريدون منفعة ذاتية و لا مصلحة شخصية ، فمن علامات الساعة أن يهون شأنهم و يخفت ذكرهم ، يهملون فلا يلتفت لهم و يهمشون و لا يستشارون ، محجوبون عن الأضواء و وسائل الإعلام ، إذا تكلموا لم يسمع لقولهم و إذا نصحوا ردت نصيحتهم ، لا يعرف فضلهم و لا يقدر علمهم ، يعيشون فى صمت حتى يأخذهم الموت.

و على هذا فإنه من علامات الساعة أن تنقلب الموازين و تنعكس المقاييس فيؤتمن الخائن و يخون الأمين و يوسد الأمر لغير أهله فينحى الأمين المخلص الخبير و يولى النفعى الغشوم الجهول كما فى حديث البخارى الذى فيه أن رجلا سأل النبى صلى الله عليه و سلم عن الساعة فأجابه "إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة" ، قال "و كيف إضاعتها؟" قال "إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة".

محمد الرملى - يناير 2010
لطفا انشر هذا المقال