Saturday, December 26, 2009

قصة الانتخابات – الحلقة الثانية/3: المسمار الأخير


و لكن بالنسبة لأعضاء هيئة التدريس فى الجامعات المصرية فقد أتت الريح بما لا تشتهى السفن فخلال تسعينيات القرن الماضى و العشرية الأولى من الألفية الثالثة أطيح بإستقلاليتهم و إرادتهم ، أولا تحول إختيار العمداء من الإنتخاب من قبل أساتذة الكلية إلى التعيين من قبل رئيس الجامعة بموجب القانون رقم 142 لسنة 1994 و الذى يقضى بأن يعين رئيس الجامعة المختص عميد الكلية أو المعهد من بين الأساتذة العاملين بها لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد لثلاث سنوات أخري و بالتالي أعطي القانون الحرية المطلقة لرئيس الجامعة في اختيار العمداء دون معايير موضوعية و دون حساب علي اختياره و بالتالى تحول تلقائيا ولاء العمداء المعينين من الولاء لقاعدة أعضاء هيئة التدريس فى كليتهم إلى الجهة المعينة لهم و صاحبة الفضل عليهم إلا قليلا منهم.

و ثانيا صادرت الدولة نوادى هيئة التدريس واحدا تلوا الآخر إما بالتدخل فى انتخاباتها أو بإلغاء الإنتخابات أو تعطيل إجرائها و تعيين مفوضين لإدارة شؤون النوادى بل صودرت مقرات بعضها لصالح أنشطة أخرى و انتهت إستقلالية هذه النوادى فلم تعد تسمع لها حسا فى قضايا التعليم و هيئة التدريس و تحولت من أندية مهنية لأندية اجتماعية لشرب الشاى و التسامر.


لكن إرادة الله شاءت لنادى القاهرة أن يظل حرا مستقلا مستمرا فى أداء دوره معبرا عن إرادة هيئة التدريس فى جامعة القاهرة و منتخبا من قبلهم و قد تبنى النادى عدة قضايا هامة منها زيادة الأجور و عقد فى مقره عدة مؤتمرات  لهذا الغرض كما شارك بقوة فى كافة المفاوضات مع وزير التعليم العالى بهذا الصدد و كذلك كان للنادى نشاط ملحوظ فى دعم غزة أثناء العدوان الأخير منذ عام و نظم عدة مؤتمرات شعبية لمناصرة القضية الفلسطينية و أرسل وفدا من كبار أساتذة الهندسة المدنية علما و مقاما و سنا لرفح لتقييم آثار العدوان فى غزة على المنشآت و المبانى و تقديم الدعم الفنى و التصميمات المبتكرة لبناء مساكن أيواء سريعة من خامات محلية بسيطة كأكياس الرمل و لكن ما حدث أنه تم منع الوفد من دخول رفح حيث قضوا ثلاث ليال فى البرد على المعبر و تصادف أن وفدا من الجزيرة كان ممنوعا من العبور أيضا فقام بتصوير أساتذة الهندسة و إجراء مقابلات معهم ضمن وفود أخرى من الممنوعين من المرور من أطباء و قانونيين مما سبب حرجا للحكومة المصرية و أوغر صدرها تجاه النادى.

و فى يوم الجمعة 24 إبريل جرت آخر انتخابات للنادى بعد محاولات من وزارة التضامن الاجتماعى عرقلتها و هناك تقرير جيد عن هذه الإنتخابات على هذا الموقع و من الذى تنافس فيها و من الذى فاز و المحاولات التى بذلت لعرقلتها بدعوى أن عضوين بجامعة بنى سويف لم يتسلما اخطارا بعقد الجمعية العمومية وفتح باب الترشيح للانتخابات. (احفظ عبارة بنى سويف هذه فسنشير اليها لاحقا)

و لأن النادي مشهر كجمعية أهلية تحت رفم 151 بتاريخ 15-4-2003 ، وفقا لأحكام قانون الجمعيات الحالي 84 لسنة 2002 و لأنه بموجب  هذا القانون يمكن لوزارة التضامن أن تتدخل فى شؤون النادى بل و ان تحل مجلس إدارته مع أن النادى يختلف عن الجمعيات الخيرية العادية فى أنه تجمع نقابى يفترض أن يدير شؤون أعضائه بنفسه ، فإنه فى 20 أغسطس 2009 و فى توقيت فى منتهى الذكاء حيث الإجازات الصيفية و توقف الدراسة و إلإنشغال بشهر رمضان المعظم اصدر محافظ الجيزة المهندس سيد عبد العزيز ووزير التضامن الاجتماعي د.علي المصيلحي قرار بعزل مجلس الادارة و تعيين عميد كلية التجارة مفوضا لإدارة النادى مع لجنة تعاونه و ذلك بحجج و ذرائع واهية.

و بهذا تكون الحكومة قد دقت المسمار الأخير فى نعش استقلالية نوادى هيئة التدريس و لم يتبق الا صلاة الجنازة عليها و دفنها.

و لكن بيدك أنت تغيير هذا الواقع ..................... كيف؟ هذا ما سنوضحه فى الحلقة القادمة.

محمد الرملى - ديسمبر 2009
 لطفا أنشر هذا المقال 

No comments: