Tuesday, December 22, 2009

بنو قينقاع فى جامعات مصر


تروى كتب السيرة أنه فى شوال من العام الثانى للهجرة ذهبت امرأة مسلمة الى السوق لشراء حلى من صائغ يهودى فحاول بعض المستهترين من يهود بنى قينقاع مراودتها على خلع نقابها و كشف وجهها فامتنعت و نهرته و بينما هى جالسة عند الصائغ عمد أحدهم الى عقد طرف ثوبها من الخلف فى ظهرها فلما قامت انكشفت فصرخت تستنجد بمن يعينها عليهم فسمعها مسلم شهم ففار الدم فى عروقه فهجم على اليهودى المجرم فأجهز عليه فتكاثر عليه اليهود فقتلوه فلما علم رسول الله صلى الله عليه و سلم بما وقع من يهود بني قينقاع من غدر و خيانة و نقض لعهده معهم غضب غضبا شديدا وخرج ومعه المسلمون لمعاقبتهم فحاصروهم 15 ليلة حتى اضطرهم إلى الاستسلام والنزول على حكمه صلى الله عليه وسلم ثم قضى بطردهم من المدينة.


و اليوم يعود بنو قينقاع مرة أخرى فى جامعات المحروسة بقيادة كبيرهم يعلنون حربا شعواء لا على الفساد الضارب فى جنبات إدارات الجامعات إلى حد شراء الأغراض بضعف أو أضعاف ثمنها و التقاسم مع الموردين و المقاولين كما ذكر رئيس جامعة قريبا فى لقاء عام و لا على الدروس الخصوصية التى انتشرت انتشار النار فى الهشيم حتى صارت هى الأصل فى بعض الكليات و لا على مهزلة ملازم القص و اللصق المسماة زورا بالكتاب الجامعى و لا على تكدس الطلاب فى الكليات كثيفة العدد إلى حد الجلوس على الشبابيك و الأرضيات ، و لا على تدنى مرتبات العاملين بالجامعات من موظفين و هيئة تدريس حتى أن الأستاذ الذى يفنى عمره فى الجامعة و يعمل بها قريبا من أربعين عاما يقترب من المعاش و مرتبه لا يزيد على ثلاثة آلاف جنيه ببدلاته و حوافزه و ربما يمرض ولده أو زوجته بمرض عضال فيعجز عن تدبير نقات العلاج ، و لا على خروج جامعاتهم من التصنيفات العالمية و ضعف الأبحاث العلمية المنتجة فيها و لا على هجرة العقول النابهة فى التخصصات التقنية الدقيقة للخارج و لا على سرقة الأبحاث و الرسائل العلمية من قبل بعض معدومى الضمير و نسبتها إلى أنفسهم.


لم يعلنوها حربا على أى من هذه المشكلات الملحة و لكنهم قرروا مواجهة أم المصائب الطامة الكبرى و المأساة العظمى التى يصغر بجانبها كل ما تقدم و تهون بجوارها كل الشرور ألا و هى قطع القماش التى تغطى بها الطالبات المنتقبات وجوههن إذ أنه بنزع تلك القطع القماشية الصغيرة ستحل كل المشكلات و تنفتح طاقة القدر علينا فتمطر السماء أبحاثا علمية متقدمة و تعليما راقيا ، و من هنا فقد جهزوا جيوشهم الجرارة من العمداء و الوكلاء و آلاف الموظفين و حرس الجامعات و نزلوا إلى ساحة المواجهة مدججين بالقرارات الحاسمة التى لا تقبل نقضا و لا إبراما و لا تخضع حتى لأحكام القضاء المصرى و فى مواجهتهم وقفت فئة من الطالبات المتدينات العزل شديدات الحياء ، و أريدك أيها القارئ أن تغمض عينيك و أن تتخيل ساحة المواجهة بين فئة عزلاء قليلة من البنات المنتقبات فى جانب و فى مواجهتهن جيش جرار كثيف من رؤساء الجامعات يقودهم كبيرهم و تحت ألويتهم العمداء و الوكلاء و الموظفون و الضباط و أفراد الأمن وجوههم مكفهرة ، أوداجهم منتفخة و أنيابهم بارزة و هم يقذفون الفريق الأول بمدفعية القرارت الثقيلة ، فالقرار الأول منع الطالبات المنتقبات من سكنى المدن الجامعية و القرار الثانى طرد المنتقبات من قاعات الإمتحانات و القرار الثالث منع المنتقبات من التدريس فى الجامعة و توشك المدفعية أن تضرب القرار الرابع بمنعهن من دخول الجامعة أصلا ، و أكرر أغمض عينيك و تخيل معى الفريق الأول و قد انكمشت عضواته سويا يحتضن بعضهن البعض و يحاولن تجنب الحمم المتساقطة على رؤوسهن من الفريق الثانى و هن يصحن يا الله يا الله.


رحم الله عمتى رحمة واسعة إذ كانت دائما تشغل نفسها بما ينفع و يفيد و تردد على مسامعى و أنا صبى: الفاضى يعمل قاضى أى أن من خلا من الشغل و سئم الفراغ و البطالة شغل نفسه بالحكم على الناس و تصنيفهم حسب هواه فيصنف هذا إلى رجعى متطرف و هذا إلى تقدمى متفتح و ذاك إلى وسطى معتدل ثم يصدر بشأنهم الأحكام و القرارات.


احترت كيف اختم هذا المقال هل اتوجه مثلا لرؤساء الجامعات و كبيرهم راجيا إلغاء هذه القرارت الظالمة؟ و لكننى تذكرت قول القائل: قد أسمعت لو ناديت حيا و لكن لا حياة لمن تنادى ، هل أتوجه مثلا إلى العمداء و الوكلاء أحضهم على عصيان القرارت الموجهة إليهم من رؤسائهم؟ و لكن تذكرت قول أبى العتاهية: أذل الحرص أعناق الرجال ، هل أتوجه مثلا إلى الطالبات المتضررات بأن يلجأن للقضاء؟ و لكنهن قد فعلن فلم يمتثل رؤساء الجامعات لقرارت القضاء.


احترت و احتار دليلى فقررت أن أتوجه إلى الباب العلوى الذى لا يقفل و إلى الأعتاب التى لا يرد عنها أحد و أن استعدى علي بنى قينقاع سهام القدر، ودعاء السحر، وكلّ أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبرّه.


محمد الرملى - أستاذ جامعى - ديسمبر 2009
لطفا انشر هذا المقال لغيرك

6 comments:

Perfectionatic said...

While I would agree with you on your point that this issue should be pushed down the priority list, as there are far more pressing problems to consider, allowing the nikab has several tricky practical implications.

There are issues relating to security, pedagogy and communication that have to be properly addressed and debated. There is also a greater debate about the secular nature of the institution. Also, whether other alternative educational venues such as Women's colleges, online learning, and/or religious institutes would better cater to the needs of religiously conservative female students.

Whatever measure that will be taken there will be costs involved. Who will be paying for them?

I have not touched upon the issue of whether the nikab is really a fard or not as I am not qualified to do so. In any case, I see it a matter of personal freedom. The really question is what costs (in security, efficiency of communication, etc...) is the society at large and the university willing to pay cater for such a group of students.

Finally, though I understand your frustration with the status quo, I take issue with labeling those who disagree with you as بنو قينقاع such labeling is not conducive to rational dialog or constructive debate.

آيـــ الله ـات said...

لا أستطيع إلا أنا أقول
حسبي الله و نعم الوكيل في كل من تعاون في نشر هذه القضية و جعلها قضية العصر
المنتقبات موجودات في كل مكان و ليس لهن ذنب أن هناك من يتلصص داخل النقاب و عامل نفسه بنت و يذهب إلى المدينة الجامعية لمقابلة فتاة
هذا هو دور الإدارة في معرفة من يدخل إلى المدينة و من هذه الشخصية
لم ترفض أخواتي المنتقبات هذا التفتيش أبدا بل جعلوه هدفا لهم الآن لأنه حقهن في الحرية و التعبير عن الرأي الذي تتحدث عنه حكومتنا

ليس ذنبهن أن هناك من دنس النقاب بأفعاله .. فهل كلهن قد فعلن ذلك

لقد تخرجت من الكلية هذا العام و أنا منتقبة و لم أدرك أني قد خرجت منها على خير بالفعل
فماذا كان سيفعل بي لو كنت طالبة فيها حتى الآن؟
لعلي كنت مع أخواتي المنتقبات في القضية المرفوعة

و حسبي الله و نعم الوكيل
و سيأتي الإسلام يوما و يعلم كل ظالم حدوده
و يعلم كل جبار أن له رب كبير أكبر منه و أعدل منه

جزاك الله خيرا كثيرا أستاذي الفاضل على النشر
و أرجو إن استطعت أن تقوم بأي شيء يدافع عن هؤلاء الفتيات بكونك استاذا جامعيا و في الوسط الذي فيه القضية

وأحمد الله أن هناك من هم ما زالت عقولهم منارة بنور الحق و يرفضون هذا البث الإعلامي المضل

Gihan said...

Then we get all frustrated from non-muslim trying to ban elhejab in their countries! I mean how hypocrite is that!

This is an excellent post

fcistudent_09 said...

السلام عليكم
مقال رائع...و بعد كده يرجعو يقولوا منتقبات رجعيات متخلفات,,بس مين اللى رفض يعلمهم.كثير من صديقاتى الغير مصريين بيسألونى بمنتهى الدهشة عن هذه القرارات و ازاى تصدر من بلد إسلامية..و مش بعرف ارد اقولهم ايه,حماسى لبلدى بينطفى يوم بعد يوم.شكرا يا مصر.

بـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوها said...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أتفق معك في كل ما قلته دكتور محمد..

الازمة ليست أزمة نقاب انما هي أزمة

ترصد لكل ما يحمل علامات التدين داخل الجامعة ولا أعرف لماذا ؟؟ هل اصبح التدين خطر داهم يهدد أمن الجامعات المصرية

وما سمعته من وزير التعليم العالي لا يصنف الا تحت بند " الكلام الخايب " الذي لا يكفي لاقناع طفل صغير لم يبلغ العاشرة من عمره ...ساحة القضاء قد تكون المنجي الوحيد من هذا المأزق ..ولكن أن لم تفعل شيئا فيا حسرة علي كل قضية في بلدنا ليس النقاب فقط

ويبقي التوجه الي الله الذي لا يرد دعوة مظلوم

وحسبي الله ونعم الوكيل

هبة يونس said...

بصراحة مقال رائع يا دكتور
و مقنع فعلا لأى حد مستعد يفكر بمنطقية
لأن فعلا القرارات و السياسات اللى بتتحكم فينا أصبحت ظالمة من جميع الجهات لا بتسمح بحرية شخصية و لا دينية و لا فكرية و لا حرية سياسية
و ليس لنا إلى الله لنلجأ له جميعا فهو القادر على كل شئ المجيب الدعاء الذى لا يخيب من يرجوه
جزاك الله خيرا

و أكثر الله من امثالك